ترجمة: أمير زكى
يناير 2011

***
طبعة أمريكية جديدة من رواية مارك توين الكلاسيكية (مغامرات هكلبيرى فين) ستنشر مع تغييرات لغوية ملحوظة، فكل المواضع التى ذكرت فيها الكلمة العنصرية المهينة (زنجى-  (niggerسوف تحذف.

الكلمة تتكرر أكثر من 200 مرة فى (هكلبيرى فين) التى نشرت أول مرة عام 1884، بالإضافة إلى سابقتها (مغامرات توم سوير) التى نشرت عام 1876، والروايتان تتبعان مغامرات صِبية على نهر الميسيسيبى فى منتصف القرن التاسع عشر. فى الطبعة الجديدة ستستبدل الكلمة فى كل مرة بكلمة (عبد). وكلمة (هندى-  (Injun ستستبدل أيضا فى النص.

صاحب دار نشر (نيو ساوث بوكس) بألاباما، والتى ستنشر الطبعة الجديدة يقول إن هذا التصرف الجرئ مدعوم بشكل كبير من محرر الكتاب، الأكاديمى المتخصص فى توين دكتور آلان جريبين من جامعة أوبيرن مونتجومرى. ويرى الناشر أن استبدال "الكلمتين المهينتين" سيكون له أثره فى مواجهة الرقابة على الكتاب، التى لاحظ دكتور جريبين أنها أدت لاستبعاد هذين العملين الأدبيين المهمين من المناهج التعليمية على مستوى العالم.
ويقول جريبين إنه قرر أن يتصرف هكذا بعد عقود من تدريس توين، وقراءة أجزاء من نصوصه بصوت عال، فقد كان يجد نفسه يتراجع عن نطق الإهانات العنصرية التى يرددها أبطاله الشباب. يقول: "الكلمة التى تبدأ بحرف (ز) تحمل تحقيرا أقسى من أى إهانة تستخدمها أى جماعة عنصرية أخرى، ومع توالى العقود تزداد قسوة هذه الكلمة ولا تقل."

يضيف جريبين: "يمكننا أن أن نحتفى بقدرة توين كأديب أمريكى واقعى بارز قادر على التعبير عن منطقة معينة أثناء فترة تاريخية معينة. ولكن مع ذلك فالإهانات والألفاظ العنصرية فى كتبه بدلالاتها الواضحة وتحقيرها البين تنفر القارئ المعاصر."

 توين نفسه كان ناقدا حادا للعنصرية الأمريكية، بل وتبرع بالأموال لعدد من منظمات الحقوق المدنية ومنها الجمعية الوطنية لرفع شأن الملونين الناشئة آنذاك، بالإضافة إلى مفارقة كونه منتقدا للتعصب فى روايتيه (هكلبيرى فين) و(ويلسون المغفل)، ولكن الجدل حول لغته ليس جديدا، فمغامرات هكلبيرى فين أتت فى المركز الخامس فى قائمة المنظمة الأمريكية للمكتبات التى تتعلق بالكتب الأكثر حظرا أو التى طولب بحظرها فى أمريكا فى فترة التسعينيات (تراجع مركزها إلى الرابع عشر فى الألفية الجديدة).

ولكن فكرة تغيير اللغة فى الرواية لزيادة شعبيتها لا يزال مزعجا فى بعض الأوساط، دكتور سارة تشيرشويل أستاذة الأدب والثقافة الأمريكية بجامعة شرق أنجليا قالت إن التغييرات جعلتها متقدة بالغضب: "المشكلة تتعلق بالتدريس وليس بالكتاب، فلا يمكن أن أقول سأغير روايات ديكنز لتتلائم مع طريقتى فى التدريس. كتب توين ليست فقط أعمالا أدبية، بل وثائق تاريخية أيضا، والكلمة معبرة لأنها تكشف عن طبيعة العنف الموجه للعبيد، إن المغزى من الكتاب هو أن هكلبيرى فين بدأ عنصريا فى مجتمع عنصرى ثم توقف عن العنصرية وترك هذا المجتمع. وهذه التغييرات ستؤدى إلى عدم إظهار التطور الأخلاقى للشخصية الرئيسية فى الكتاب، ستكون الكلمة البديلة بلا معنى ومضللة للقارئ. إن الغرض من الأدب هو أن يكشف لنا عن أفكار مختلفة وعصور مختلفة، وهو لن يكون دوما مهذبا ولطيفا، إن ما سيحدث أمر محبط."

جيف بارتون، مدير مدرسة الملك إدوارد ببارى سانت إدموندز وصف فكرة تغيير لغة توين بأنها (حمقاء) ويقول: "من المحبط أن نكون حساسين لدرجة أننا لا نثق فى أن الشباب الصغير سيستوعب سياق النصوص، هل نحن فى طريقنا لتدريس نسخة مهذبة من تاجر البندقية؟ ما أريد فعله الآن هو البحث فى موضوع كيف تتغير اللغة وفقا للسياق والثقافة. وأضاف بارتون أنه لو كان توين يدرّس بشكل أقل فى المملكة المتحدة الآن فهذا بسبب كون المنهج الوطنى الذى تقرر عام 1989 قد أكد على أن تدريس الإنجليزية سوف يعتمد بشكل أوسع على أعمال من الأدب الإنجليزى لا الأمريكى، يقول: "وبينما لا نزال ندرّس (أن تقتل طائرا بريئا) لهاربر لى، و(عن الفئران والرجال) لجون شتاينبك، إلا أن توين على ما يبدو لم يمر من الرادار."