تقرير لشارلوت هيجينز

ترجمة أمير زكى
أغسطس 2011
 ***
عندما توفى الكاتب المسرحى آرثر ميلر عام 2005 كتبت صحيفة وول ستريت جورنال فى خبر وفاته: "المدعى العظيم، آرثر ميلر لم يتلق الإعجاب تماما، ولأسباب وجيهة". مجلة نيو كرايتريون كانت أكثر حدة حيث قالت عنه إنه "دمية شيوعية". 
كان اسمه ملطخا فى أمريكا، كان يتم التعامل معه على أن سنواته الأفضل كفنان انتهت فى الخمسينيات، بالإضافة لكونه دمر سمعته بالتزامه الدائم بفكر أقصى اليسار. وكونه تصرف بشكل لا يمكن غفرانه حين أودع ابنه المصاب بمتلازمة داون[1]ملجأ فى الوقت الذى ولد فيه.
ولكن كاتب سيرته الذاتية كريستوفر بيجسبى، الذى تحدث فى مهرجان إدنبره الدولى للكتب، دافع عن كاتب (وفاة بائع متجول) و(الاختبار)، فوضعه للوليد الجديد دانييل فى ملجأ عام 1967 فى رأيه كان سببه أن ميلر والمصورة الفوتوغرافية إين موراث التى كانت زوجته وقتها "اتبعا بالضبط نصيحة الأطباء التى تلقوها آنذاك، فهذا هو بالضبط ما كان يُقترح على الناس"، إلا أنه ألمح مع ذلك إن فشل ميلر فى زيارة ابنه بشكل منتظم هو أمر يجعله يحمل ذنب الإنكار.
بيجسبى، أستاذ الدراسات الأمريكية بجامعة شرق أنجليا، تحدث أيضا عن أن سمعة ميلر تشوهت فى أمريكا بسبب أن الرأى العام الأمريكى "لم ينس ولم يسامحه على ماركسيته. على العكس هنا فى بريطانيا، فمن الصعب أن ننزعج من ذلك، لأن لدينا العديد من الكتاب المسرحيين الاشتراكيين والذين يكتبون مسرحيات (بريطانية)". وأضاف أن سمعة ميلر فى بريطانيا تزايدت بالمقارنة بأمريكا.
بيجسبى ناقش أيضا أن شعور ميلر بالتاريخ فى مسرحياته أربك الأمريكيين. "إنها دولة مهاجرين، تميل لتجاوز الماضى، ونسيان الخلفية التى تركتها وراءك لأنك تتجه نحو المستقبل. ما وجده ميلر فى أمريكا إنها بلد لا تهتم بالتاريخ باستثناء كونه (أسطورة). بينما قال إن ميلر كان يعتقد أن "الماضى لم يمت، وأننا نحمل الماضى معنا. وأننا نساوى ماضينا".
تحدث بيجسبى عن الجزء الثانى من سيرة ميلر الذاتية، التى تغطى الفترة من 1962 حتى 2005. فى هذه الفترة كتب مسرحياة عظيمة كـ (منظر من على الجسر)، (وفاة بائع متجول)، (الاختبار)، وانهار زواجه بمارلين مونرو الذى استمر لأربع سنوات. يشير بيجسبى أن بعض النقاد يعتقدون أنه من الصواب أن نتوقف عند نهاية الجزء الأول.
ولكن بيجسبى دافع عن القسم الثانى من حياة ميلر، متحدثا عن نشاطه السياسى، وهجومه اللاذع على حرب فيتنام، لقد وضع نفسه موضع الخطر وبفخر.
هو أيضا توقع أن مسرحياته الأخيرة مثل الساعة الأمريكية (1980)، والزجاج المكسور (1994)، ستوضع فى النهاية ضمن أعمال ميلر العظيمة، وكذلك المسرحيات القصيرة مثل المرآة المزدوجة (1982) واليانكى الأخير (1991).
وعلى الرغم من أن ميلر "كان عدوا للكتاب الطليعيين" فى الستينيات، إلى أن بيجسبى تحدث عن أن (المرآة المزدوجة) "كانت راديكالية مثلها مثل أى شىء عُرض فى هذه الفترة".
ميلر كان ابنا لمهاجر يهودى إلى نيويورك. أبوه ايزيدور سافر وحيدا وهو فى سن السادسة، عابرا المحيط الأطلنطى، ولافتة حقائب معلقة على رقبته. ايزيدور ميلر الأمى أصبح غنيا، ولكنه فقد كل ما يملك فى الكساد الكبير، تلك الخبرة أثرت بشكل كبير على حياة وفن آرثر ميلر. وفقا لبيجسبى فهو "اكتشف أن كل شىء من الممكن أن يضيع، أننا فى موضع الخطر، نعتقد أننا نقف على أرضية صلبة، ولكنها من الممكن أن تنكسر تحتنا.
عمل ميلر لعامين فى مستودع لقطع غيار السيارات ليجمع المال ليلتحق بالجامعة، ونشر رواية حققت مبيعات عالية قبل أن ينتقل جديا لكتابة المسرح. كلهم أبنائى ظهرت عام 1947، ووفاة بائع متجول بعدها بعامين. الاختبار تبعتهما عام 1953 فى ذروة التحقيقات التى كانت تجريها لجنة النشاطات المضادة لأمريكا.
من خلال المخرج إيليا كازان تعرف ميلر على مارلين مونرو، قال بيجسبى "ميلر عاملها بتهذيب، وهى كانت تريد أن تؤخذ بجدية". فى عام 1956 ترك زوجته الأولى ليتزوج مونرو، ولكن العلاقة "انهارت بشكل كارثى أثناء تصوير فيلم الشاذون. حيث تجمدت العلاقة فى قلب نيفادا". يقول بيجسبى.
فى عام 1962 تزوج من إين موراث، المصورة الفوتوغرافية النمساوية بوكالة ماجنوم، واستمرت علاقتهما حتى وفاتها بعد 40 عاما. طفلتهما الأولى ريبيكا ميلر أصبحت مخرجة وكاتبة قصة قصيرة وروائية، تزوجت من دانييل دى لويس، الذى مثل مع وينونا رايدر وبول سكوفيلد فى فيلم (الاختبار) الذى أخرجه نيكولاس هيتنر عام 1996.


[1]  Down syndrome مرض سببه خلل الكروموسومات، يؤدى إلى أعراض عديدة وتشوهات عقلية وجسدية بالطفل المصاب.