لم يكن بيكيت بعيداً عن التيارات الفلسفية التى ماج بها عصره ، فبيكيت الذى تأثر بكل من أوغسطين وباركلى وشوبنهاور لا يمكن أن يكون قد تجاهل الفلسفات الدائرة حوله ، ربما لا يمكننا أن نحسبه على فلسفة ما أو على اسم فيلسوف محدد ، بالعكس فبيكيت نفسه قد يكون صاحب فلسفة خاصة ، إلى جانب أنه – بدون قصد منه – مؤسس لمدرسة جديدة فى فن المسرح ، فنحن نبدأ معه تأريخ مسرح العبث أو اللا معقول ، وهو مسرح تمرد على الشكل المسرحى التقليدى الذى لم يتغير كثيراً منذ نظرية أرسطو ، وهو أيضاً أحد كتّاب الرواية الجديدة ، تيار (اللا رواية) فقصصه تقريباً بلا أحداث وبلا ذُرى أو لحظات تنوير .

نحن لا نملك دليلاً مباشراً أو شهادة تؤكد أن بيكيت تأثر بفلاسفة معاصرين مثل هايدجر أو سارتر أو كامى ، يرجع هذا إلى غموض شخصية بيكيت نفسه وندرة حواراته وابتعاده عن دوائر الضوء ، ولكن ليس من الصعب أن نستشف من كتاباته مثل هذه التأثيرات ، فأماكنه المغلقة وشخصياته المحدودة المتعلقة بمصير مشترك فى مسرحيات مثل (فى انتظار جودو) و (نهاية اللعبة) تذكرنا بمسرحية سارتر الشهيرة (لا مفر) ، وكونه أحد رواد مسرح العبث يجعلنا نتذكر فلسفة كامى ، أما عن هايدجر فالمشترك بينه وبين بيكيت هو كلمة (العدم) ، فإذا كانت فلسفة هايدجر وفكرته عن الوجود ترتكز على مفهوم العدم ، فإن أفكار بيكيت الأدبية ترتكز على نفس المفهوم ، وقد لاحظ الناقد ناثان سكوت هذا من قبل ، وخصص الفصل الأخير من كتابه عن بيكيت لبيان العلاقة بين أدبه وبين مقال (ما الميتا فيزيقا) لهايدجر ، سكوت لم يؤكد أيضاً إن كان بيكيت اطلّع على المقال أم لا (1) ، ولكنه قال أن هذا المقال قادر على توضيح الأفكار الموجودة فى أدب بيكيت ، ونحن نرى أيضاً أن أدب بيكيت فى أجزاء منه قادر على توضيح الأفكار الموجودة فى نصوص هايدجر.

ما الميتافيزيقا ؟

" ما الميتافيزيقا " هو نص المحاضرة الافتتاحية التى ألقاها هايدجر يوم 24 يوليو 1929 فى جامعة فرايبورج بمناسبة حصوله على منصب الأستاذية هناك (2) وفيه يحاول هايدجر أن يعرّف الميتافيزيقا عن طريق عرض سؤال ميتافيزيقى ؛ لأن إشكالية الميتافيزيقا كلها متضمنة فى هذا السؤال ، والسائل نفسه أيضاً يكون مطروحاً فى السؤال ، فعلينا أن لا نتجاهل كينونتنا المتسائلة حين نطرح السؤال الميتافيزيقى .

* سؤال عن العدم

يؤكد هايدجر أن امتياز العلم هو أنه يولى الاهتمام كله للشيء وحده ، والهدف من ذلك هو إخضاع هذا الشيء ، والعلم يهتم بهذا الشيء (الموجود) ولا يهتم بما وراءه ، ويرى أنه أقل قيمة ويقول أنه لا شيء (عدم) *، ويتساءل هايدجر ماذا عن العدم؟

إن السؤال بطريقة (ما هو العدم ؟) مستحيل لأنه يفترض أن العدم شيء ، وهكذا تكون الإجابة أيضاً مستحيلة لأنه من المنتظر أن نقول أن العدم أو اللا شيء هو كذا وكذا . إذن فالتفكير المنطقى مثله مثل العلم ، يرفض العدم .

لكن هل العدم هو مجرد النفى ؟ ، هو مجرد فعل الـ (لا) فى المنطق ؟ ، يرى هايدجر أن النفى هو الذى يتوقف على العدم وليس العكس " إننا نزعم أن اللا شيء هو أكثر أصلية من الـ (لا) ومن النفى . " (3)

ولكن كيف نتساءل إذن عن العدم ؟ ، كيف نبحث عنه ونجده ؟ ، لم يتبق لدينا – بعد العلم والمنطق – سوى الأحوال الوجدانية ، ولكن هل يوجد حال وجدانى يجد فيه الإنسان نفسه أمام العدم ؟

يرى هايدجر أننا نجد أنفسنا أمام العدم بل فى داخله أثناء شعور القلق ، والقلق هنا يختلف عن شعور الخوف الشائع ، فى إنه غير محدد المعالم ، فنحن نقلق من وعلى ، ولكننا لا نعرف مم وعلام .

يقول الألمان فى أحاديثهم " فى القلق يكون الحال بالنسبة للمرء موحشاً" ونحن لا نتحدث عن إنسان أو حال محدد ، ففى القلق تنصرف كل الأشياء عنا ، ولكن لا يصل هذا إلى حد الاختفاء المتعارف عليه ، ولكنه نوع من الانسحاب يترك بعدها شعوراً بالقلق والضيق . " إذ لا يبقى لنا شيء نستند إليه ، وفى انزلاق الموجود بأسره ، لا يتبقى لنا سوى هذا اللا شيء " (4) ما يبقى فقط هو عدم وجود السند .*

وعندما تنتهى تلك اللحظات النادرة يؤكد الإنسان العدم عندما يؤكد أنه لا يوجد شيء فى الحقيقة قد قلق عليه .

العدم يظهر أثناء القلق ليس كموجود ، " فليس القلق إدراكاً للاشيء " (5) ولكن مع القلق يتجلى العدم ، والعدم لا يكون شيئاً منفصلاً بجانب الموجود ، ولكنه والموجود يتجليان سوياً معاً .

وهذا القلق العدمى هو الشرط لإمكانية تجلى الموجود أمام الإنسان أو الآنية أو الكينونة ، مع تغيير المصطلحات . يقول عبد الرحمن بدوى :
" العدم هو الشرط فى الوجود ، وهو عنصر داخل أساساً فى تركيب الوجود وليس شيئاً مضافاً أو مجرد تصور منفى لمعنى الوجود " (6)

فالآنية أو الكينونة (الوجود الإنسانى) هى " أن يجد الإنسان نفسه واقعاً داخل العدم" (7)

وكون الوجود الإنسانى داخل العدم هو الذى يتيح له التعالى ، وهذا التعالى يجعله قادراً على إقامة علاقة مع الموجود ومع نفسه .

" دون الكشف الأصيل للعدم ، لن يكون ثمة وجود ذاتى ، أو حرية " (8)

إذن فالعدم ليس شيئاً أو موضوعاً ، وليس هو التصور المقابل للوجود ، ولكنه ضرورى من جهة أنه يجعل تجلى الموجود بالنسبة للوجود الإنسانى ممكناً .

" الوجود الخالص والعدم الخالص هما إذن شيء واحد " (9) ** ذلك لأن ماهية الوجود متناهية ولا تتجلى إلا عندما يعلو الإنسان على الموجود من خلال العدم .

وتغلغل العدم هو دائم فى الوجود الإنسانى وإن كان لا يوقظه فى نفس الإنسان سوى القلق ، والقلق يكاد لا يكون ظاهراً عند الإنسان الوجل ذو القرارات المتسرعة ، فى حين يكون أوضح ما يكون عند الإنسان الشجاع . والقلق عند الشجاع ليس سلباً للسرور أو لراحة البال ، وإنما هو نوع من الإبداع الخلاق . (10)
الميتافيزيقا إذن - فى تحليل لغوى – هى السؤال الذى يتجاوز الموجود الذى نسأل عنه رغبة فى استرداده بالفهم مرة أخرى .

" والسؤال عن العدم يضعنا (نحن أنفسنا) ، نحن الذين نتساءل ، موضع السؤال ، ولهذا كان سؤالاً ميتافيزيقاً " (11)

وبهذا تكون الميتافيزيقا هى الحدث الأساسى فى الوجود الإنسانى ، بل تكون هى نفسها الوجود الإنسانى ، لذلك فالوقوع فى أى خطأ فيها يسبب أزمة ، فهى أكثر صرامة من كل العلوم .

فصل بلا كلمات 1

ليس صعباً أن نُظهر ارتباط مفهوم العدم بأدب بيكيت ، حتى لو أخذناه بالمعنى الشائع وليس بالمعنى الذى تحدث عنه هايدجر ، يظهر هذا فى كل نصوصه ، فى فترات الصمت الطويلة فى مسرحه ، حتى فى أثناء الحوار يظهر الفراغ أكثر مما يظهر فى الصمت ، حتى سرده الروائى عبارة عن صمت طويل ، لاحظوا أننا نتحدث عن أديب لا فيلسوف .

زمن بيكيت هو نفس زمن هايدجر (زمن الحاجة) ، زمن يعانى فيه الإنسان من نقص مزدوج : عدم وجود الآلهة التى ولت وعدم وجود الآلهة التى لم تأت بعد (12) ، فى مسرحية (فى انتظار جودو) يختفى جودو تماماً ، لا يتبقى منه سوى وعد مبهم وغامض بأنه سيأتى يوماً ما ، يحافظ على بقاء هذا الوعد فى أذهان الشخصيات كلمات رسول صبى لا يبدو أكثر علماً من فلاديمير واستراجون *، ولا يبقى أمامهما سوى الانتظار ؛ الانتظار أحد الكلمات السحرية فى أدب بيكيت ، فهام وكلوف ، السيد والعبد فى مسرحية (نهاية اللعبة) ، ينتظران أو يأملان ، هذا الأمل الذى يسقم القلب **، الأول يأمل فى خادم أفضل والثانى يأمل فى مكان أفضل يعمل فيه ، وأيضاً فكراب بطل (شريط كراب الأخير) ينتظر استعادة شيء من ذكرياته القديمة رغم أن ماضيه لم يكن سعيداً جداًَ ، ومالون فى (مالون يموت) يقضى وقته فى انتظار الموت.

كل شخصيات بيكيت تعانى من قلق وجودى ، من هذا القلق الهايدجرى المبهم ، فهم إن كانوا ليسوا من الشجعان فهم أيضاً ليسوا من الوجلين ، فهم يتجرعون وجودهم ببطء شديد ، ويتمثلون عدميتهم فى كل لحظة .

ورغم صلاحية كل أعمال بيكيت لمقارنتها بفلسفة هايدجر إلا أننى اخترت عمل بانتومايم باسم (فصل بلا كلمات 1) لبساطته وتكثيفه الشديد فى عرض الفكرة .

نص ( فصل بلا كلمات 1) كتبه بيكيت فى نهاية الخمسينيات من القرن الماضى ، وهو – كما قلنا – فصل بانتومايم يؤديه ممثل واحد .

لا يحتاج بيكيت أكثر من شخصية واحدة ليصنع مسرحيته ، مثلما لم يحتج سوى أربع شخصيات فى (فى انتظار جودو) ليمثل البشرية كلها من وجهة نظره ، هذه الشخصية ستمثل حالة وجودية وجدانية شاملة ومحورية عند الإنسان بمفهومه العام ، هو لا يحتاج لشخصية أخرى ليصنع حالة اجتماعية وهو لا يحتاج أيضاً للحوار .
قبل ظهور الرجل يكون المكان عبارة عن صحراء جرداء وفى الأعلى ضوء شمس حارق ، نتذكر هنا دلالة ضوء الشمس الحارق عند كامى فى رواية الغريب ، وكيف أنه أجبر البطل مارسو على تنفيذ خطيئته الوجودية التى سيحاسَب عليها بالموت ، وهو أيضاً يدل على الشقاء المتأصل فى الكون ، وببساطة نعرف أن هذا الشقاء ينتظر الإنسان ، فالشقاء لا يتحقق فى الكون وحده ، وهو غير موجود إلا بظهور الإنسان .

يُقذف الرجل على المسرح بظهره من جهة اليمين .

لاحظ أنه يدخل على المسرح بظهره مقذوفاً ، أى رغماً عنه ، فهو ينظر إلى الخارج ، لم يكن يتطلع إلى أن يدخل العالم ، بالعكس فهو ينظر إلى المكان الذى أتى منه بتطلع ، ورغم أن المكان (الكون) سيتحد به فى شقاء دائم ، إلا أنه يشعر أنه لا ينتمى إليه ، أصدق تعبير على هذه الحالة هى جملة صلاح جاهين فى إحدى رباعياته :
لادخلتها برجليا ولا كان لى ميل

تطلّعه إلى الخارج ، إلى المكان الذى جاء منه ، والذى يظن أنه ينتمى إليه يجعله ، بعدما تعثر فور دخوله إلى المسرح وتفكيره فى موقفه ، يستجيب سريعاً للصفارات التى تأتى من اليمين واليسار ، على أمل العودة والهروب من موقفه الغامض الحالى، ولكن خروجه لليمين ثم لليسار يؤدى إلى نتيجة واحدة وهى أن يعود مرة أخرى مقذوفاً إلى المسرح .

يعرف الرجل أنه لا مهرب من هذا الكون ، وأن مصيره معلق به منذ اللحظة التى دخله فيها ، فتتوقف استجابته لصفارات اليمين واليسار ، ويعلم أنه عليه أن يتعامل مع هذا العالم .

ولكن هناك قوة أخرى يشعر أنها تساعده ، قوة عليا ، تبعث أدواتها من أعلى ، فهى ترسل له شجرة يتظلل بها ، يستطيع أن يقضى الوقت تحتها ، ولكن ما أن يبدأ فى قضاء وقت لطيف حتى تتهدل الأوراق لينحسر الظل من عليه ، وهناك قنينة ماء تتدلى إليه من أعلى أيضاً ، فما أن يتجه لإمساكها ليروى ظمأه حتى تعلو مرة أخرى.

تنزل بعض المكعبات الكبيرة ، يمكنه أن يضع الواحد على الآخر ، يقف عليهم فى محاولة الوصول للإناء ، ولكن الإناء يعلو بحيث لا يمكنه أن يصل إليه . ينزل حبل ، يهذبه عن طريق مقص كان قد نزل سابقاً ، يحاول أن يصنع أنشوطة ليصل إلى الإناء ولكن بلا جدوى .

يعرف الرجل أن الأشياء على سكونها تسخر منه ، تسخر من وجوده وهدفه من أجل الحياة والاستمرار ، تنسحب منه الأشياء بحيث لا يبقى معه ما يتعزى به ، يتحول الأمر لديه إلى نوع من الهم والقلق ، مثلما قال هايدجر قلق غير محدد ، قلق وجودى عام ، قلق مما يتهدد إمكانيات الإنسان التى لا تساعده الموجودات على تحقيقها ، حتى عندما فكر فى الانتحار وجد أن فرع الشجرة الذى كان سيعلق عليه المشنقة قد سقط .

والانتحار مازال حلاً قائماً ، ولكنه لم يكن أبداً الحل المثالى أو الأخير فى أدب بيكيت ، فشخصيات (فى انتظار جودو) فكرت فى الانتحار ولكنها لم تفعل ، ربما للخوف من المجهول ، أو للتمسك بأمل لا يجرؤون على التصريح به .

ومع يأس الرجل المطلق يقرر أن يستلقى ولا يتحرك ، حتى مع نزول الإناء إلى أقرب مستوى للرجل ، حتى مع أن الشجرة تورق وتظلل مرة أخرى ، ظل على سكونه ، لم يعد يصدق ، وأنا لا أستطيع أن أحدد ما هو هذا الذى لم يعد يصدقه . ربما قرر أن يدخل فى حالة من النيرفانا ، أو قرر أن يتخلص من إرادته بالمعنى الشوبنهاورى للكلمة ، وربما أراد أن يتمثل العدم بالمعنى الهايدجرى ، ولكننا هنا وعند هذه النقطة نجد أن بيكيت يصمت وينهى مسرحيته مثلما ينهى كل أعماله ، فالعدم عند بيكيت ليس دلالة على أى شيء ، إنما هو يأس مطلق وارتباك دائم ، وحيرة شديدة تؤدى إلى اللا فعل . لم يقل بيكيت أنه فى خطوة ميتافيزيقية سيستطيع الإنسان فهم نفسه وفهم الوجود ، وإنما هو هنا لم يفهم الموجودات ولم يفهم الوجود ، بل فشل فى استيعاب وجوده نفسه واتجه إلى حالة من السلبية التامة .

***

كما قلنا فى بداية هذا المقال ، ليس المقصود هو إظهار تطابق بين فلسفة هايدجر وأدب بيكيت ، وإذا كنا أردنا أن نوضح النقطة التى التقيا عندها فهى شعور القلق الذى يؤدى إلى إحساس شامل بالعدم الذى يلتف حول هذا الوجود ، ولكنهما افترقا ، ذهب هايدجر إلى أننا بواسطة العدم سنستطيع فهم الوجود وإقامة علاقة صادقة مع الموجود الإنسانى ، وأكثر الناس إحساساً بالقلق العدمى هو الرجل الشجاع الذى يتحول قلقه إلى نوع من الإبداع الخلاق ، هكذا يصير المستقبل مفتوحاً لتحقيق إمكانيات الإنسان . أما عند بيكيت فالإنسان كائن قلِق ولن يساعده هذا على التواصل مع غيره من الناس ولا غيره من الموجودات ولا حتى مع الآلهة (لا التى ولت ولا التى ستأتى وحتى التى يقال أنها قائمة) .

يختلف هايدجر عن بيكيت أيضاً فى ثقته فى الشعر وفى اللغة ، تحدث عن ذلك فى مقاله البديع عن الشاعر هيلدرلن ، فالشعر هو أوفر الأعمال حظاً من البراءة ، وهو تأسيس للوجود عن طريق الكلام ، والشعراء ينشئون ما هو باق . (13)

وما أبعد بيكيت – وهو الشاعر أيضاً– عن هذه الرؤية ، فقد قال فى عمله باللغة أنه يعمل فى العجز وفى الجهل ، واللغة عنده هى مجرد تعبير عن عدم التواصل بين الناس ، يظهر ذلك فى الكم الرهيب من سوء التفاهم الذى ساد مسرحياته ، وشخصية الكاتب فى أعماله تكون مشوشة ومرتبكة رثة الثياب مثل استراجون الذى يدّعى أنه شاعر ويقول وهو يشير إلى ثيابه القذرة : أليس هذا واضحاً ، وكون استراجون شاعر لم يمنعه من أن ينتظر جودو بنفس الحيرة والتألم اللذان يشعر بهما فلاديمير . وهام العاجز القعيد الذى يؤلف قصة لا تتماسك ولا تكتمل أبداً فى (نهاية اللعبة) ، ومالون يبحث عن عزاءه فى الفن ، فيحاول أن يسلى نفسه ويقضى وقته المتبقى قبل موته المنتظر (العقاب الوجودى النهائى) فى تأليف قصة ، فتختلط قصته بحياته فلا تنتهى القصة ولا ينتهى عذابه .

***

نحن لا نميل لفكر هذا على ذاك ، ولكننا حاولنا أن نعرض رؤيتين للعالم بدتا متشابهتين . أرجو أن يكون هذا المقال بذرة لدراسة أكبر عن نفس الموضوع ، أو عن موضوع أشمل وهو : التأثيرات الفلسفية على أدب صمويل بيكيت .

أمير زكى

الهوامش

(1) ناثان سكوت ، بيكيت ، ت : مجاهد عبد المنعم ، المؤسسة العربية للدراسة والنشر ، صـ 152
(2) هايدجر ، كتابات أساسية (ج2) ، ت : إسماعيل المصدق ، مقدمة إسماعيل المصدق ، صـ 9
(3) المصدر السابق ، مقال (ما الميتافيزيقا) صـ 21
(4) هايدجر ، مارتن هايدجر ، ت : فؤاد كامل – محمود رجب ، مقال ما الميتافيزيقا ؟ ، ت : فؤاد كامل ، صـ 111
(5) أنظر (3) صـ 25
(6) أنظر (4) تصدير عبد الرحمن بدوى صـ 12
(7) السابق ، مقال (ما الميتا فيزيقا) صـ 115
(8) السابق ، مقال (ما الميتا فيزيقا) صـ 115
(9) السابق ، مقال (ما الميتا فيزيقا) صـ 121
(10) السابق ، مقال (ما الميتا فيزيقا) صـ 118
(11) السابق ، مقال (ما الميتافيزيقا) صـ 123
(12) أنظر (1) صـ 153
(13) أنظر (4) مقال (هيلدرلن وماهية الشعر)
* يستخدم إسماعيل المصدق فى ترجمته لمقال (ما الميتافيزيقا ؟) كلمتى (اللا شيء) و(العدم) بنفس المعنى ونحن سنتابعه فى ذلك .
* لم أجد تعبيراً أصدق على هذه الجملة سوى جزء مبتور من أغنية لفيروز تقول فيها : " على شو مسنود ؟ ، على شى مش موجود " ، الأغنية من تأليف : زياد رحبانى .
** هذا اقتباس عن هيجل ، ولكنه – وحسب هايدجر – يختلف عن رؤية هيجل الذى اعتقد أن الوجود والعدم كذلك لأنهما غير محددين .
* الشخصيتان الرئيسيتان .
** هذه الجملة استخدمها بيكيت فى مسرحية (فى انتظار جودو) ، وهى مقتبسة من سفر أمثال سليمان (الكتاب المقدس – العهد القديم) الإصحاح 13 عدد 12.

***
من يرغب فى المقال على ملف وورد يمكنه مراسلتى على بريدى الالكترونى
من يرغب فى استخدام المقال بأى شكل من الأشكال أرجوه أن يستأذن منى أولاً