آليسون فلود
الجارديان 4 فبراير 2013
ترجمة: أمير زكي
يحتفظ المترجم بحقه في المساءلة الأخلاقية والقانونية إذا تمت الاستعانة بترجمته دون إذن منه.
***
العمل السردي الوحيد الذي كتبه تشارلي تشابلن، هو رواية قصيرة كانت أساس فيلمه العظيم "أضواء المسرح" والتي ظلت غير منشورة لمدة 60 عاما، وتُنشَر لأول مرة.
 
"أضواء المسرح السفلية" التي تمتد إلى 34,000 كلمة، تقتفي أثر القصة نفسها التي تدور في فيلم تشابلن الذي ودّع به أمريكا "أضواء المسرح" – وهو عن المهرج العجوز مدمن الكحوليات كالفيرو والباليرينا التي ينقذها من الانتحار.
 
الفيلم الذي لعب تشابلن فيه دور كالفيرو وكلير بلوم لعبت دور الباليرينا كان الفيلم الأمريكي الأخير الذي صنعه تشابلن قبل أن يتم منعه من دخول البلاد بسبب تعاطفه المزعوم مع الشيوعية. الرواية القصيرة التي كتبها تشابلن عام 1948 - قبل سيناريو الفيلم - تُوسِّع وتُعَمِّق القصة، وتقدم رؤية لحالة الكاتب العقلية في هذا الوقت.
 
ظلت الرواية في أرشيف تشابلن لعقود، ولكنها جُمعَت الآن من خليط من الأوراق المكتوبة بخط اليد والمكتوبة على الآلة الكاتبة عن طريق كاتب سيرة تشابلن الذاتية ديفيد روبنسون. ونشرها معهد "سينيتيكا دي بولونيا" الإيطالي لترميم الأفلام الذي كان يقوم برقمنة أرشيف تشابلن من أجل عائلته.
 
سيسيليا سينسياريلي إحدى مديرين مشروع تشابلن، قالت عن الرواية: "تحتوي على دلالات. إنها قصة عن كوميديان فقد جمهوره، يحكيها كوميدان كان قد فقد أيضا في هذا الوقت جمهوره، وكان يشار له في الصحافة على أنه (الكوميديان السابق)، و(المخرج السينمائي الناجح السابق)".
 
إنه نوع من الجزء السابق للفيلم يُظهِر "لِم كان كالفيرو يصاب بالكوابيس، لِم فقد الشعور بسحر مهنته، وسحر الجمهور" تقول سيسيليا: "الكتاب يتعامل بشكل أكبر قليلا مع علاقة الفنان بجمهوره، ومع معنى الفن".
 
يقول كالفيرو في الرواية: "أعلم أنني مضحك، ولكن المديرين يعتقدون أنني انتهيت، أنني ماضي. يا الله! سيكون من الرائع أن أجعلهم يرجعون في كلامهم. هذا هو ما أكرهه في التقدم في العمر - الازدراء واللا مبالاة التي يظهرونها لك. يعتقدون أنني بلا فائدة... هذا هو سبب أنه سيكون من الرائع أن أعود!... أعني بشكل انفعالي! أن أجعلهم يهتزون من الضحك مثلما اعتدت أن أفعل... أن أستمع إلى الصيحات وهي ترتفع... أمواج الضحك تصل إليك وترفعك على قدميك... يا لها من إثارة! تريد أن تضحك معهم ولكنك تربط جأشك وتضحك بداخلك... يا الله. لا يوجد شيء شبيه بهذا! بقدر ما أكره هؤلاء القذرين بقدر ما أحب سماع ضحكاتهم".
 
كان تشابلن يمر بوقت عصيب في أمريكا عندما كان يكتب الرواية، يقول روبنسون: "كان هدفا كبيرا لإدجار هوفر مدير الإف بي آي، هذا الذي كان مؤثرا لدرجة أن كما كبيرا من الطبقة الوسطى الأمريكية كرهه. كان هذا صادما له، هو الذي كان أكثر رجل محبوب في العالم لثلاثين عاما". يقول روبنسون إن هذه المشاعر: "ظهرت في قصة كالفيرو".
 
نشر معهد سينيتيكا الرواية هذا الأسبوع؛ كاملة مع تعليق وشرح وتقييم للقصة كتبه روبنسون، مع احتفالية بمعهد الفيلم البريطاني بساوثبانك بلندن، تضم روبنسون وبلوم المُهدَى إليها الكتاب، وسيكون الكتاب متاحا على موقع 
Amazon، رغم أنه لم يحصل على ناشر بريطاني ولا أمريكي، هذا الذي تتمنى سينسياريلي أن يتغير.
 
تقول سينسياريلي: "من المدهش أن هذا الرجل الذي لم يذهب للمدرسة سوى ستة أشهر في حياته استطاع أن يصير كاتبا. وسبب كون الرواية لم تنشر من قبل هو أن أسرته كانت متحفظة قليلا... ولكنهم اقتنعوا في النهاية أن هذا سيصير عملا طيبا للقيام به".
 
يقول روبنسون: "لم يكن يهدف إلى نشر الرواية، كانت أمرا خاصا تماما... كتبها لنفسه".
 
في تعليقه على الرواية يكتب روبنسون أن تشابلن "يستطيع أن يتحرك – بدون سابق تحذير -  من اللغة الدارجة الصريحة إلى الخيال المدهش الخالي من الجهد كما يبدو، كأن يحدق كالفيرو المسحوق "وهو متعب إلى النهر الصامت الذي يتحرك كالشبح في الحياة التي تخصه... ويبتسم له بشيطانية وهو يعكس آلاف الأضواء من القمر ومن المصابيح المعلقة على الجسر".
 
يكتب روبنسون أن طفولة تشابلن في جنوب لندن يمكن أن تُشاهَد في الرواية، في شخصية طفل "يدمن الجلوس في الحدائق... البقع الخضراء الكئيبة المنعزلة، والناس الذين يجلسون هنا، هم جثث الحية لليائسين والمعدمين" تُظهِر الرواية أيضا "البهجة في الكلمات الجميلة والغريبة لعصامي يعترف ذاتيا، يضع قاموسا إلى جانبه ويخطط لتعلم كلمة جديدة كل يوم" المُخَشخِش brattled، القَمَري selenic، المُزهِر efflorescing، المتبجح fanfaronading، وكلمته المفضلة إلى نهاية حياته (لا يمكن وصفه) ineffable
 
يقول روبنسون "عندما يصل لكلمة تعجبه يستخدمها حتى لو لم تكن مناسبة للموقف، ومع ذلك يكتب بشكل رائع. في أفلامه أخذ يعمل ويعمل حتى وصل للشكل المناسب، والأمر نفسه تم مع هذا الكتاب، إنه جيد للقراءة، غريب ولكنه جيد".
 
باميلا هتشنسون التي تُدوِّن عن الأفلام الصامتة بموقع www.silentlondon.co.uk قالت عن نشر الرواية أنه أمر مثير جدا، وتضيف: "هناك دوما اهتمام عظيم بتشابلن – وعندما يكون قد كُتِب عنه الكثير على مر السنوات، ففرصة قراءة كلماته هو، خاصة الكلمات التي لم تسمع عنها من قبل، هو أمر مثير". وتضيف: "واحدة من الأشياء الرائعة في (أضواء المسرح) هي أنها تظهر عودة تشابلن إلى لندن شبابه: السكان والمسارح التي يعرفها".
 
"أن تقرأ ما يكتبه عن هذا العالم في الأربعينيات من القرن الماضي يؤكد اعتقادنا الراسخ أن تشابلن لم ينس جذوره البريطانية طوال نجاحاته في الولايات المتحدة".
 
"موضوع (أضواء المسرح) – الفقر، الحالة النفسية ومسرح المنوعات – إلى جانب مشاهد لندن، يمكن أن يكون منتزعا بالضبط من طفولته. مسودات هذه الرواية تؤكد أن هذه الأشياء لا تزال تدور في ذهنه إلى وقت متأخر من حياته".
***
مقتطف من الرواية
"الجمهور؟... لِم تكرهه؟"
 
ابتَسَم بحزن: "لأنني عجوز وبائس كما أفترض"
 
هزت رأسها بدون أن ترفع عينيها من عليه. "لست عجوزا، ولست متأكدة من كونك بائسا – أنت تحب الناس جدا".
 
أجاب: "بشكل فردي نعم، هناك عظمة في كل فرد. ولكن الجمهور – إنهم على ما هم عليه – ارتباك متنوع للأغراض المتعارضة. في مرة طُرِد نجم كبير من على خشبة المسرح، وأدركت أن هذا من الممكن أن يحدث لي. أتعرفين، عندما يكبر الكوميديان ويفقد حيويته، عليه أن يفكر تحليليا في عمله –  إن أراد أن يستمر في العمل الكوميدي... وبالنسبة للجمهور؛ بدأت بالتالي في الخوف منه؛ إنه قاس وغير متوقع... كوحش بدون رأس؛ لا تعرفين أبدا أين سيمضي الأمر – يمكن أن يمضي إلى أي اتجاه... هذا هو سبب أنه كان عليّ أن أشرب قبل أن أواجهه. كل عَرْض يتحول إلى تعذيب. أنا لم أحب الشرب فعلا، ولكني لم أستطع أن أكون طريفا من دونه، وكلما شربت أكثر...". يهتز "... حسنا، لقد أصبَحَت دائرة مفرغة".
 
"ما الذي حدث؟"
 
"انهيار عصبي، كدت أن أموت".
 
"وما زلت تشرب؟"
 
ابتسم: "من آن لآخر، عندما أفكر في الأشياء، الأشياء السيئة كما أفترض. على أي حال، لقد تحدثت بما يكفي عن نفسي، ما الذي تريدينه على الإفطار".
 
قالت متأملة: "يا له من عمل حزين؛ أن تكون مرحا".
 
وُضعَت الطاولة وهو مستعد الآن لتحضير الإفطار. وقف للحظة ليفكر بعمق، وقال: "ولكن هناك تعزية... الإثارة العظيمة في الاستماع للجمهور وهو يضحك. دعيني أرى". يفتح باب خزانة الطعام: "لدينا بيض وسلمون وسردين" فرقع بإصبعيه "هذا حَطَّم أحلامي! لقد حلمت بأننا نمثل معا! هذه هي المشكلة، تراودني أفكار رائعة في أحلام، ولكني أنساها عندما أستيقظ. في هذا الصباح وجدت نفسي أهتز من الضحك. ثم استيقظت وأسرعت إلى المكتب وكتبت خمس صفحات من الصياح. ثم استيقظت واكتشفت أنني لم أكتب جملة".
 
"هذا مزعج!"
 
"نعم، كان بإمكاني أن أعود، إن استطعت فقط أن أتذكر أحلامي، عليّ أن أعمل – ليس فقط من أجل المال. سيكون هذا جيدا لصحتي".
 
"أتمنى لو كان بإمكاني المساعدة".
 
قال مؤكدا: "أعلم أنني مضحك، ولكن المديرين يعتقدون أنني انتهيت... أنني ماضي. يا الله! سيكون من الرائع أن أجعلهم يرجعون في كلامهم. هذا هو ما أكرهه في التقدم في العمر – الازدراء واللا مبالاة التي يظهرونها لك.
"يعتقدون أنني بلا فائدة... ماضي. هذا هو سبب أنه سيكون من الرائع أن أعود!... أعني بشكل انفعالي! أن أجعلهم يهتزون من الضحك مثلما اعتدت أن أفعل... أن أستمع إلى الصيحات ترتفع... أمواج الضحك تصل إليك، وترفعك على قدميك... يا لها من إثارة! تريد أن تضحك معهم، ولكنك تربط جأشك وتضحك بداخلك... يا الله لا يوجد شيء شبيه بهذا". يتوقف. "بقدر ما أكره هؤلاء القذرين – بقدر ما أحب سماع ضحكاتهم".