سبعة أشياء لا تعرفها عن ألبير كامو
مقال لروبرت زاريتسكي*
ترجمة أمير زكي
 
* أستاذ التاريخ بجامعة هيوستن، ومؤلف كتاب "حياة تستحق أن تعاش: ألبير كامو والبحث عن المعنى"
 
اليوم، كان سيبلغ ألبير كامو عامه المائة. يظل صوت الفائز بجائزة نوبل ومؤلف كتب "الغريب" و "الطاعون" و"أسطورة سيزيف" و"المتمرد" حيويا اليوم مثلما كان في حياته. نشأ في حي للطبقة العاملة في الجزائر العاصمة، مع جدة أمية تضرب أكثر مما تتكلم، وأم خرساء جزئيا كانت تعمل كعاملة نظافة. واجه كامو العبث من سن مبكرة، ولم يطارده فقط في حياته – كان لاعب كرة قدم جاد، حين بدأ بالسعال مع دماء ليكتشف أنه مصاب بالسل – ولكنه ضرب فرنسا أيضا عام 1940، عندما سقطت الأمة أمام العدوان الألماني، الذي حولها إلى نظام فيشي المتعاون. بعد العودة إلى فرنسا من الجزائر عام 1942، شارك كامو في المقاومة وأصبح في النهاية محررا للجريدة السرية العظيمة "كومبات" (المقاومة).
 
من تحرير فرنسا حتى نهاية حياته، استمر كامو في المقاومة. سواء بسبب تعامل فرنسا الوحشي مع السكان العرب والبربر في الجزائر، أو التمييز الاقتصادي والاجتماعي البين في كل من الجزائر وفرنسا، أو مؤسسة العقاب الرأسمالية، أو استخدام القنبلة النووية، وممارسة التعذيب والإرهاب من قبل كل من الجيش الفرنسي والقوميين الجزائريين أثناء حرب الاستقلال الدموية. قاوم كامو الطرق التي يتحول بها الرجال والنساء إلى مجردات، وتبرير وسائل غير مقبولة من أجل غايات مستحيلة. في مئويته يمكننا القيام بأشياء أقل من استعادة كلماته عن واجب الكتاب: يقول كامو إن نبل مهنتنا: "ستظل متجذرة دوما في انغماسين صعب الحفاظ عليهما: رفض الكذب عما يعرفه المرء، والمقاومة ضد القمع".
 
1) كامو لم يكن وجوديا. تدخين سيجارة جلواز مع الإسبريسو في مقهى باريسي لا يجعل المرء وجوديا. ولا الصداقة العميقة، وإن كانت القصيرة، مع طفل الوجودية الشهير جان بول سارتر. كان كامو يُذَكِّر الصحفيين دوما، وبشكل صحيح، أنه ليس جزءا من حركة ما بعد الحرب الشائعة، بشكل كبير لأنها كانت ترفض التحرك. بدلا من تقديم حل للتشخيص الكئيب للوضع الإنساني، قاموا باعتناقه – وهو حل غير مقبول لمؤلف "المتمرد" و"الطاعون".
2) كامو لم يكن فرنسيا. في الحقيقة كان كامو من ضمن طائفة "الأقدام السوداء" المصطلح الذي يطلق على معظم المستعمرين الأوروبيين الذين عاشوا في الجزائر في القرنين التاسع عشر والعشرين، مع ذريتهم، وأصبحوا مواطنين فرنسيين. بينما كان أبوه من بوردو (على أي حال اعتقد كامو دوما أنه من الألزاس واللورين[i])، كانت أمه من أسبانيا، وجذور كامو تضرب عميقا في الجزائر. بعد نصف قرن من موت كامو، بدأ الكتاب والمفكرين الجزائريين يقبلون ذلك: بالنسبة للروائية (وعضو الأكاديمية الفرنسية) آسيا جبار، كامو كان ابنا للجزائر وواحدا من شهدائها العظام.
3) كامو لم يكن فيلسوفا. على الرغم من حصوله على مؤهل في الفلسفة من جامعة الجزائر (كانت أطروحته عن مفكر كان يحب أن يطلق عليه "الشمال إفريقي الآخر" وهو القديس أوغسطين) رفض مصطلح "فيلسوف" بالقدر نفسه الذي رفض فيه مصطلح "وجودي". مقالاه الفلسفيان: "أسطورة سيزيف"، و"المتمرد"، كانا بالضبط مجرد مقالات: بكلمات أخرى محاولات مؤقتة لفهم الوضع الإنساني. ومثلها مثل الكثير من حياته وأعماله، كانت مقالاته تسعى لطرح الأسئلة لا تقديم الإجابات.
4) كامو لم يكن متشائما. بالطبع كان يحب أن يذكرنا أنه لا يوجد سبب للأمل. كيف يمكن الحصول على أمل في عالم من "اللامبالاة الأليمة" أمام احتياجاتنا المتكررة للمعنى؟ ولكن هذا لم يكن أبدا مدعاة لليأس. فكر في هذا المشهد من فيلم "آني هول"[ii]عندما كان وودي آلن يحاول أن يتقرب من امرأة شابة وهي تنظر للوحة جاكسون بولوك[iii]، وردت عليه برؤية أبوكاليبسية عن العالم. مثله مثل آلن، سيسألها كامو إن كانت مشغولة غدا ليلا، وبعدما يعرف أنها تخطط للانتحار ساعتها، سيصمت للحظة قبل أن يسألها إن كانت مشغولة الليلة.
5) كامو لم يكن معاديا لأمريكا. هذا لا يعني أنه كان مؤيدا لأمريكا. لقد كان بطريقة ما أشبه بالزائر لجبال الهيمالايا للمرة الأولى: تساميها يملأ المرء بالروعة إلى جانب الرعب. أثناء زيارة قصيرة له لمدينة نيو يورك بعد الحرب مباشرة، شعر كامو بالذهول من المفارقات: فقر منطقة باوري أمام امتيازات الجانب الشرقي. مع نهاية محاضرته العامة في جامعة كولومبيا، تم إعلان أن أموال الأمسية التي كانت موجهة للتبرعات قد سرقت، قام الجمهور فورا بسد العجز، هذا السخاء أذهل كامو بشكل كبير. ومع ذلك، كان مذهولا أيضا بـ "جيش النجوم الصغار المسترخيين على العشب وهم عاقدين أقدامهم". هؤلاء الذين رآهم بجامعة فاسار. ما يفعلونه للشباب هنا يستحق التذكر". بوضوح، لم يفكر كامو أن "النجوم الصغار" أنفسهم لن يشغلوا أنفسهم بالتذكر.
6) كامو لم يكن دوما روائيا. مثله مثل الكاتب الذي يقارن دوما أسلوبه به، آرنست همنجواي، بدأ كامو عمله بالكتابة كصحفي. كمراسل للصحيفة المستقلة "لالجي رابابليكيا"[iv]، كتب عام 1939 سلسلة من الأخبار المنتقدة لوضع قبائل البربر، الذي يعود حظهم البائس بشكل كبير للامبالاة فرنسا. استمر في مشاغباته حتى ليلة الحرب العالمية الثانية، عندما شعرت السلطات بالارتياح لوجود عذر لإغلاق الجريدة. عمله الصحفي، مثله مثل بقية كتاباته، كان مميزا بالقناعة بأنه في الوقت الذي "نضع فيه المشكلة الإنسانية موضع المشكلة السياسية، فنحن نأخذ خطوة للأمام".
7) كامو لم يكن الأخ التوأم لجورج أورويل والذي نشأ في الجزائر الفرنسية بعد انفصاله عنه. كان أورويل أطول وكان يرتدي التويد. ولكن الشائعة مفهومة على أي حال. كل من الرجلين كان يدخن بلا توقف، كل منهما كان مريضا بالسل، كل منهما مات شابا وكل منهما عاش وفقا لقناعاته السياسية: أورويل أثناء الحرب الأهلية الأسبانية، وكامو أثناء الحرب العالمية الثانية. (أراد كامو أيضا أن ينضم للجمهوريين في فرنسا، ولكن السل منعه من القيام بذلك). كل منهما ظل على اليسار، على الرغم من الجهود الكبيرة لليسار الفرنسي والبريطاني، المفتونين بالشيوعية، للتبرؤ منهما. كل من الرجلين بصراحته الأخلاقية وشجاعته الشخصية كان أساسيا للشهادة ليس فقط عن عصره ولكن عن عصرنا نحن أيضا.

[i] جزء من الإمبراطورية الألمانية في القرن التاسع عشر. وهي منطقة فرنسية حاليا.
[ii] خطأ من مؤلف المقال، المشهد الذي سيتم ذكره من فيلم Play it again, Sam لوودي آلن
[iii] Jackson Pollock (1912-1956) فنان أمريكي
[iv] L'Alger Républicain