تهنئة عيد القيامة
إلى كل طفل يحب آليس

(خطاب ملحق برواية آليس فى بلاد العجائب للكاتب لويس كارول)

أيها الطفل العزيز ، أريدك أن تتخيل قدر استطاعتك أنك تقرأ خطاباً حقيقياً من صديق حقيقى رأيته من قبل ، بحيث يكون صوته بادياً لك حتى تسمعه يتمنى لك ، كما أتمنى من كل قلبى ، عيد قيامة سعيد .

هل تعلم هذا الشعور الحالم الرائع عندما يستيقظ المرء فى نهار صيفى ، وهناك زقزقة العصافير فى الفضاء والنسيم العليل يدخل من نافذة مفتوحة ، حينما ينام المرء كسلاناً وعينيه نصف مغلقتين ، يرى - وكأنه فى حلم - الغصون الخضراء تتمايل والأمواج تترقرق تحت الضوء الذهبى ؟ ، هذا السرور الذى يقترب جداً من الحزن ، والذى يجلب الدموع لأعين الواحد مثل الصورة الرائعة أو القصيدة ، وهذه أليست يد الأم اللطيفة التى تسحب الستائر ، وصوتها الجميل يدعوك كى تستيقظ ؟ ، تستيقظ وتنسى فى الصباح المشرق ، هذه الأحلام المفزعة التى أخافتك جداً فى الظلام ، تستيقظ لتستمتع بيوم سعيد آخر ، وتنحنى لتشكر صديقنا غير المرئى الذى يبعث لنا الشمس الجميلة .

هل هذه كلمات غريبة على كاتب قصص مثل آليس ؟ وهل هذه كلمات غريبة لتجدها فى كتاب عبثى ؟ ربما كانت كذلك ، ربما يلومنى البعض لأننى أخلط بين الجد والهزل ، آخرون قد يبتسمون أويفكرون أنه غريب أن يتكلم أحد بوقار إلا فى الكنيسة يوم الأحد ، ولكنى لا أظن ذلك ، بل أنا متأكد أن بعض الأطفال سيقرأون ما أكتبه الآن ببساطة وبحب ، وبالروح التى أكتب بها .

لأنى لا أؤمن أن الله قصد أن يقسّم حياتنا إلى نصفين ، أى أن نرتدى وجهاً جاداً يوم الأحد ، وأن نعتقد أنه لا موضع حتى لنذكره فى بقية الأسبوع . هل تعتقد أنه لا يهتم سوى برؤية أبدان جاثية ، وأنه لا يسمع سوى أصوات الصلاة ، وأنه لا يحب رؤية الحملان تقفز فى ضوء الشمس ، وأن يسمع أصوات الأطفال المرحة وهم يركضون بين الحشائش؟ ، بالتأكيد ضحكهم البرئ عذب فى أذنيه مثل أعظم نشيد ذُكر فى الضوء الدينى المعتم لكاتدرائية عظيمة .

وأنا لو كتبت أى شيء لأضيفه لمنابع البراءة والمتعة تلك ، للأطفال الذين أحبهم جداً ، سيكون ذلك بالتأكيد شيئاً أرجو أن أنظر إليه بدون خجل وحزن (وكم فى الحياة سأتذكره!) عندما يحين دورى لأسير فى وادى الظلمات .

شمس عيد القيامة ستشرق عليك أيها الطفل العزيز ، أريدك أن تعيش الحياة بكل جوارحك ، وأن تسعى للانطلاق نحو هواء الصباح العليل . ستكون كثيرة هى أعياد القيامة التى ستأتى وتذهب قبل أن تجد نفسك ضعيفاً وأبيض الشعر ؛ تسير خارجاً بإرهاق لتتدفأ مرة أخرى فى ضوء الشمس . وسيكون جيداً لو فكرت من الآن ولبعض الوقت فى هذا النهار العظيم ، عندما تشرق شمس الصلاح والشفاء بأجنحتها .

ولكن لا عليك أن تقلل من سعادتك من جراء فكرة أنه فى يوم ما سيكون هناك فجر أكثر إشراقاً - عندما تقابلك مناظر بديعة أكثر جمالاً من تمايل الأشجار ورقرقة المياه ، عندما تسحب أيادى الملائكة الستائر ، وتوقظك أصوات أعذب من أصوات كل الأمهات المحبات ، من أجل يوم جديد ومجيد . ساعتها ستنسى كل الأحزان والخطايا التى لوثت هذه الأرض الصغيرة مثلما تنسى أحلام الليلة التى مضت .

صديقك المحب
لويس كارول
1878